مطر

.. وتبكي مدينة الصحراء ، تبكي مدينتي . أصدق الدعوات للبكاء وأكثرها إغراءً ، هي البكاء .. لا أحد سينكره عليك مهما أجهشت ، لماذا .. والكل يشترك في العويل ؟ .. وهكذا كان . تدعوني سماؤنا اليوم لموسمٍ من الحنين طال انتظاره بعد الجفاف .. أتُرى عواطفنا هي الأخرى تتأثر بالصحراء .. ؟ أبكي على نفسي يا سيدتي ، يكادُ يقتلني حزني وخوفي على نفسي قبل أن يقتلني شوقي إليك .. ذلك التائه الذي يرغب في المغادرة ويجهل وجهته .. لمَ عليه أن يختار…

وتغضبين

.. وأستغيث من الصمتِ بالبكاء ، فيخونني دمعي . وصمتُ الدنيا في غيابك جبروتٌ كفيل بتحويل أكثر الأماكن ألفة وحميميّة إلى زنزانةٍ من الوَحشة .. إلى خواءٍ يتمدد من حولي ويرتدّ صداه في داخلي .. فألفظه سعالاً مستمرّاً دونما رأفة ، كأنما الهواء ما عاد يجدُ موضع قدم ، داخل رئتي .. تتشنّج أعصابي كلها وتتقلص عضلات صدري الواهنة ، ويجد الألم المريع طريقه إلى رأسي مباشرةً فأوشك على قيء أحشائي .. حتى يغمرني الدوار .. كأن السعال اللعين يدرك تماماً أنكِ لستِ هنا لتقلقي…