وفي دلالكِ موتٌ وحياة

.. وتَغنِجِينَ وللفؤادِ تملكينْ ، وبينَ يَمينِ صوتِكِ وشِمَالِهِ تُقلّبينْ . لا حيلَةَ للقيثارةِ الطَرِبَة إلا الغناءَ إن غازَلَتها أصابعُ عازفِهَا ، وكذا طيرُ الصّبَاحِ إن أشرقتْ شمسُه ، أو جدولُ الماءِ إن اخضرّ شطُّه .. وكذلك يُمسي قلبي أسيراً – أو يصبحُ – بين دَلَالِ صوتِكِ وأنَفَتِه ، فلا يملكُ من قيدِهِ فِكاكاً ، ولا يُريد .. ! وكأنّي بِكِ أميرةٌ تأتي من كتبِ الأساطيرِ والحكايات ، على مملكةٍ ليسَ فيها من الذكورِ سوى العبيد .. يهرَعونَ بين يديكِ ويسمعون لقولِكِ ويرتجفون لغَضَبِكِ ،…

اسم حبيبتي

.. ويسألونني عن اسمكِ حبيبتي ، ولا يُسعفني مِدادي ولا دمي . وهَل تُكتَبُ يا سيدتي حلاوةُ الخمرةِ في الرؤوس ، أو نغمةُ الوترِ العاشِقِ في الآذان ، أو رقصةُ الغجريات في أعين السلاطين .. ؟ وهل تملكُ الأقلامُ سلطةً على عبقِ الرياحين ، وندى الصباح ، وبرودة ليالي الخريف .. ؟ وهل نستطيعُ رسمَ الملائكةِ العابرين في السماء ، أو قناديل الفجر .. أو تلكَ الشموسُ المُلتمِعَة في عيون الصغيرات ؟ وما الحيلة إنْ كان لاسمكِ عطرٌ لم ترتديه أنثى من قبل ، ونورٌ…

ويدركني عمري

.. ولو كان لي أن أكتبَ شوقي إليكِ ، لما أمهلني عُمُري لأفرغ . لو تدركُ الأعمارُ أي جريمةٍ تقترف عندما تجري بتلك السويعاتِ القليلة – التي أقضيها تحت غمامتكِ – كجري الغزلان الخائفة ، ولو تدري أي ذنبٍ تفتري عندما تماطل بين كل ثانية وأخرى في البعد عنك .. لو تدري ، لخجلتْ من ظلمها وأفلتتني من قيدِ الموت ، خارج حدود الزمن .. لا يأسرُ هذه الروحَ عندما تحيى بحبّكِ قيدٌ كالعمر ، يمضي ويمضي بلا توقف .. يتجاوزُ عِنيَةً كل المحطاتِ الجميلة…

وأطارد السهر

.. ويغلقُ النومُ أجفاني بالمسامير ، وأنا أطاردُ السهر . لماذا عندما يبوحُ قلبي بما يستعرُ فيه منذ أمد ، يستيقظُ هذا الخائن – النوم – ويتذكر عبداً جَاوَرَ السهرَ أربعين ليلة ، فيبيّتُ النيّة لصَلبِهِ على جدرانِ الموتِ الأصغر .. ؟ أربعون ليلة ، وأنا أحرقُ عينايَ بدخانِ الذكريات علّها تبكي ، فتطفئ شيئاً من ناري ، ولا فائدة .. أربعون ليلة ، وأنا أعتصرُ القلبَ المسكين بين أضلعي ، أقبضُ عليه بيديّ ، أنشب أظفاري .. أخنقه ! وهو لا يجدُ سبيلاً للنواح…

وما الإصباح منكِ بأجمل

.. ويطلعُ الصُبح ، [وما الإصباحُ منكِ بأجمل] . أعشقُ النورَ في بداية بزوغِه ، أعشق اللون البنفسجي الهادئ وهو ينجلي عن شمس الصباح كروحٍ مطمئنّة تتسامى إلى السماء .. ولذّة السهر بالنسبة لي تكمنُ في مراقبة هذه اللحظات عن كثب ، أن أرى هذا اليومَ وهو يُخلق أمام ناظريّ ، تلك لحظاتٌ تستحقّ ولا شك .. تسمو فيها النفسُ عن الدنيا وتغدو أقربَ ما يمكن من صفائها الروحيّ الكامل .. ولكن ، مُذ أدمنتُ الاستيقاظَ بصوتِك ، بهمستك ، بضمّتك ، بأنفاسِكِ ودفئك ،…

ويأتيني صوتك

.. وها هو صوتكِ يأتيني الآن ليكسرَ حاجزَ شللٍ قيّد قلمي منذ الأمس . ها هو صوتكِ يأتي ، كشمسِ عصرٍ باردة تطلّ بوجهها بغنجٍ واضح ، تشرقُ من وراءِ غيمٍ كئيب لتشرقَ الابتسامةُ بدروها على وجوهنا المسمرّة ، وانعكاسها في أعيننا يحكي قصّة العشق التي لا تنتهي بيننا وبين هذه المبهرة ، كأنتِ .. ها هو صوتكِ يأتي ، كرذاذٍ خفيفٍ وغزير .. يغسلُ أوراق الشجر ، وترابَ الحديقة ، وشوارعَ المدينة .. يغسلُ نفوسَنا وقلوبَنا ، يلامسُ شِغافها كبلسمٍ يداوي كل الجراح ،…