إلى روح الشابة أحلام

يا بائع الأحلام مالكَ لا تمرّ. ليالينا أرهقها العطش، وأيامنا يملؤها السواد. يا بائع الأحلام عجّل بالقدوم. أرواحنا تتكسر كالأغصان اليابسة، ورياح الموت لا تعرف التوبة. نهاراتنا غارقة بالدماء، بصور الضحايا، بالوجوه المفجوعة، والنظرات التي يملؤها الخوف، والخيبة. وحوش النهار لا تحاول الاختباء في الزوايا. تمشي بيننا، تأكل على موائدنا، وفي مياهنا تغسل السكين. تعال الليلة يا بائع الأحلام، أسعِفنا بحلم أو اثنين. ازرع شجرة، لوّن بالأخضر هذه الصحاري المقفرة، واغسل سماءنا بالزُرقة، علّك توقدُ جذوةً في الضمائر المكفّنة. علّنا إذا جاء النهار ننهض أخيرًا…

هذا كل ما في الأمر

قَلِقٌ أنا، هذا كل ما في الأمر. وقلقي هذا، سيمرّ. قد يتريّث بعض الشيء في المغادرة، ربما يفتح بعض الصناديق المُقفلة، يُقلّب في ذكرياتي المُهمَلة، أو يدعوني لكوبٍ من الشاي والتفكير في الغد. قلقي من النوع المُخلِص، يحبُ الإتقان. قد يختبئ لساعاتٍ فقط ليفاجئني عند اتصالٍ هاتفي، أو طرقاتٍ على الباب. قد يُمضي الليلة تحت وسادتي، يوزّع الأدوارَ على الأشباحِ في مناماتي، يختارُ الأزياءَ والكلماتِ بكل عناية، يُلقّنهم نقاط ضعفي، يُعلّمهم مطاردتي كي لا أفِر. ولكن –كما دومًا– سيحزم حقائبَه في وقتٍ، ويغادر. يتركني خلفَه…

سيرة حياة

غابةٌ عتيقة نسيَتْ أين أطرافها. تستيقظ كل صباح تتقاسم القهوة مع الزمان، ويتجادلان أيهما أقدم. تحلّقُ أسرابُ الحمام فوقها، تنقلُ التحيّات بين الأشجار، وتنشر الأخبار. في إحدى الزوايا جدول ماء صغير. يقفز فوق الأحجار، يتعلم الهدير، ويحلم أن يصبح شلالًا في الغد. وغزالٌ صبيّ يجلس على مقعد من الترقّب. يحسَبُ كلَ خطوةٍ أسدًا، وكل لمعةٍ نارًا، وفي كل ثانية يتوهّم ألفَ سببٍ للعدو دون توقف. في الغابة قوس قزح، كلما أوشكوا على التقاطِه أمسكَ بذيله وهرول. وظِلٌ يقضي يومه بملاعبة الشمس، يلاحقها وتلاحقه. وورقة شجر…