أنا والوحش

في رأسي فراشةٌ ملوّنة، تصحو كل يوم لتحاول الهرب. في رأسي قنديلُ بحرٍ بألفِ ذراع، دائمًا يبحثُ عن فمِه. في رأسي غيمةٌ بيضاء، تشعرُ بالخجل كلما أمطرَت. في رأسي نهرٌ يجري طوال الوقت، وغابةٌ ساكنة حدّ النوم، وموجةُ بحرٍ غاضبةٌ على الدوام. في رأسي حوتٌ أزرق، يحاول ألا يفتحَ فَمَه. وسربٌ من أسماك التونة، يحاول ألا يمرّ أمام فم الحوت الأزرق. في رأسي كأسٌ ثَمِل، كلما امتلأ تقيّأ. وسكّينٌ يتيمة، لم تتعلم القطْع. وأطباقٌ صينيّة مزخرفة، تتقن الاستعراض على الرفوف المنسيّة. في رأسي رُفاتُ وليٍّ…

إلى روح سارة حجازي

على الضريح نقف سويّة، مبعثرين. نحن، أمنيةٌ بلا قدمين. صبرٌ يقرضُه اليأس، وبقايا إيمانٍ يَنْسلّ كالرمل بين الأصابع. على الضريح نقف وبين الواحد والآخر منّا شبح يحمل في عينيه الوحدة، وفي ظهره ألف سكين. والأرض المضطربة تحتنا يتوهجُ غضبها نارًا تضيء كل الأرواح الهائمة كالتنانين الورقية. على الضريح نقف نسألكم أيها الجبناء متى ستكفّ أياديكم. كم موؤدةً بعدُ ستُدفن، وكم قبرًا بعدُ سيُحفر ويُملأ، ثمّ يُردم. عبثًا تحاولون سَكبَ الضّياع على آثار الجريمة، أو إطفاء القناديل في أعين الحقيقة. أيها الجبناء هذه الأرض شاهدةٌ عليكم،…

لحاف أمي

لدى أمّي لِحَافٌ صُوفيّ مشغولٌ بيديها العتيقَتَين كأشجار الصنوبر، تُغطّي به الأولادَ والبِلاد من كلّ خوفٍ وشر. لدى أمي صوتٌ يُجسّد الأمان وينشرُ البهجة، كجدولٍ باردٍ يُداعبُ قدمَيّ صغيرةٍ تحت شمس الربيع. لدى أمي كرسيٌ خشبيّ يتأرجحُ كأمواجِ البحر عند بُكرةِ الصباح، ورِداءٌ قُطنيّ مُعطّر بالطمأنينة، زهوره لا تذبل. ولديها حذاءٌ قماشيّ كلما مَشَت يتفتّق الياسمين من حولها، ومن آثارِ أقدامها ينبتُ الريحان. كلما تَعِبَ الزمانُ جاء يزور أمي يشكو لها، يجلس عند قدميها، تُغطِيه باللحاف الصوفي وتُسنِد رأسَه على أزهارِ قميصها التي لا تذبل،…