أسطورة

.. وترحلينَ كعنقاء ، وتتركين رماداً من حبّ وراءكِ .. شوقي أحرقَ الدنيا من حولي كي تعودي ، حتى أرى جناحكِ يولد من رمادها عائداً إليّ .. ثم أحرق أنفاسي ، وأحرقَ قلبي .. ولا يزالُ حطامي ساكناً بانتظارِ قيامتك .. كل الطقوسِ أقيمت في جنازتي .. وبذلوا كل الجهد في ترميم بقيّتي حتى أصبح لائقاً بك ، وانطلقوا في إثرك .. حملوني على عويل النساء ، يندُبنَ من سبقني إلى نارك .. حملوني على دمعِ الثكالى ، يبكينَ من انتهى قبلي إلى حبك ..…

كراهية

.. ولازال ظلكّ يعصف بأبوابي ، منذ عبوركِ الأول .. منذ إطلالتكِ الأولى ، وإيماءتكِ الأولى ، وحرفكِ الأول .. منذُ الخطوةِ الأولى ، والابتسامةِ الأولى ، والخجل الأول .. منذ لحظة ولادتي بين يديك ، وحتى النفسِ الذي يحييني في هذه اللحظة : أنا ملككِ . أبقى أسيراً بكل إرادتي ، وبكامل قوايَ العقلية .. في قلبك أبقى كوكباً لا يهتمّ بمدارِه ، طالما كنت شمسه التي لا تغيب أبقى طفلاً يحنّ إلى أحضانكِ كل يوم ، مهما كبر .. دروبي كلها مقيّدة تائهة…

حرمان

.. وأبقى سجينَ صمتِك ، وحسرتي . يؤلمني أن أبقى بعيداً عنكِ بإرادة العِقابِ الذي أنزلتُهُ أنا على نفسي ، بذنوبي – أو بالأحرى – بذنبي ، ذلك اللعين الذي لم يرتقِ حتى ليكون ذنباً جديراً بخسارتك .. ويؤلمني أن أعلمَ أنكِ رغم شوقك ، تملكين القدرة على حرماني ، منك .. ويؤلمني ، أن تكوني وحيدةً في هذه العاصفة .. محرومٌ أنا منكِ ، من صوتكِ .. من جرعةِ دواءٍ اعتدتُ أخذها لعلّتي الدائمة: فقدك .. محرومٌ أنا منكِ ، كطفلٍ أُغلِقَ البابُ بينه…

مرض، وشوق

.. ويفتك بطهركِ المرض ، ويفتكُ بشغفي القلق . ليتني أمسحُ على جبينك المحموم ، أقبّله .. أضمّه لخدي وأتنفس تعبه .. ليتني أضم جسدكِ المنهك ، أحتويه بين ضلوعي .. أعطيه روحي وأرفع وهنه .. ليتني بجانبك ، أهدهد نومك المضطرب .. أجمع شتات أحلامكِ الوجلة وهذيانك ، وأمنحكِ الأمان في صوتي .. يا سكني .. ليتني أقبّل قطرات العرق ، أشعل شفاهي بالحمّى وأترك مكانها برداً وسلاماً .. ليتني أسندكِ إلى صدري ، أطوقك بذراعيّ حبيبتي .. فلا أفلتك . .. وأحمل لهفتي…

وتغيبين

.. وتزداد المسافة ، ويزداد قلبي تمزقاً . على ضفةٍ أخرى ستصبحين ، وأنا أرى في كل موجةٍ لجّةً بعلوِ الجبال تمنعني عنك .. يالهذه الروح كم تكابد ، وكيف تقدر على الحياة وفيها من الجراحِ المميتة ألفُ ألف ؟ مدّي إليّ نسمةً باردةً من صوتك أتقوقع داخلها ، فلا ألقي بالاً لصحراءٍ شامتة ، تكويني .. ما عدت أرى .. فلا ظلٌ يرحمُ جفني ، ولا سرابٌ قادر على تزييف جنتي / أنتِ .. اذكريني في قلبك ، للحظة .. دعي صورتك تأتي ولو…

وقد تعبت

.. ولم أعتد حتى الآن ألم غيابِك . وهاهو يمنحني الآن مسافاتٍ أكبر من الابتعاد دون حساب ، ينوي قتلي لا محالة .. لمن تتركينني .. ؟ .. ومالي غيرَ دمعةٍ تكوي ، وقلبٍ يذوي ، وروحٍ في شتات . ولمَ الوجع يستحلني ، وكل المسافات متساوية إن كانت باتجاه البعد ؟ يا فضاءً لا ينتهي ، أضاق بك الحالُ لتسلبني همسةً من صوتها ، تطمئنني ؟ مالك ومالي ؟ مالك وزهرة قلبي الصغيرة ؟ يكفيني منك لؤماً أن تراها في أي لُجّةٍ مغيّبة ،…

غزل

.. ويواريني البعد ، فيستحلّ الشوق دماءنا . – أتراكَ تحسّ بقلبٍ ينبض بكَ دون العالمين ؟ تعال .. مدّ يدك ، أمسك بِه .. هدئ من روعِ نحيبه الوَجل ، دفئه بكفكَ ، بصوتكَ .. إذ كاد من الشوقِ ينفطر .. تقتلني هذه الجدران إذ لا تحمل صدى ضحكاتك ، يخنقني هذا الهواء القادم خالياً من رائحتك .. أغارُ عليكَ من الصحبِ أن يأخذوك ، أغار من قربهم منكَ ، من صوتكَ الذي يصلهم ويتركني في لجة الحرمان .. أغارُ عليكَ من عطرك إذ…

محمومٌ بكِ

.. وأغفو على أمل الحلم بِك ، وأصحو من فرط شوقي إليك . وما بين الحلم واليقظة فضاءاتٌ من حبٍ هائلٍ تتمدد باتساع مساحة الفقد التي تحيطني بعيداً عنكِ ، كصحراءٍ تغدو النجاة فيها ضرباً من المستحيل .. غارقٌ فيكِ أنا ، غارقٌ أبداً وما أبغي النجاة .. تفاجئُني قدرتي على استيعاب هذا الكم من الولهِ والشوقِ العارم ، يفاجئني أن لم يذهب عقلي بعد وأنا المجنون بكِ منذ الأزل ، يفاجئني .. أنّ نيران حاجتي إليكِ واشتياقي ولهفتي في كل لحظةٍ أقضيها بعيداً عنك…

وتغضبين – 2

.. وتغضبين ، فأعرف للمرة الأولى معنى الحزن ، معنى الأسى . لا زلتُ أذكر الأسماك التي أطعمناها سويّة وكأننا كنا هناك البارحة ، فهل تذكرين ؟ لا زلتُ أذكر الأميال التي قطعتها شارداً وكأنني فعلتها البارحة ، فهل تذكرين ؟ لا زلتُ أذكر الغربان السوداء التي سخرنا منها وكأننا رأيناها البارحة ، فهل تذكرين ؟ لا زال معطفي يتدثر بدفء جسدك ، ولا زال دفتري يحيى بدم قلمك ، ولا زال هاتفي يغفو ويصحو على صوتِك ، .. فهل تذكرين ؟ لا زلتُ أذكر…

مطر

.. وتبكي مدينة الصحراء ، تبكي مدينتي . أصدق الدعوات للبكاء وأكثرها إغراءً ، هي البكاء .. لا أحد سينكره عليك مهما أجهشت ، لماذا .. والكل يشترك في العويل ؟ .. وهكذا كان . تدعوني سماؤنا اليوم لموسمٍ من الحنين طال انتظاره بعد الجفاف .. أتُرى عواطفنا هي الأخرى تتأثر بالصحراء .. ؟ أبكي على نفسي يا سيدتي ، يكادُ يقتلني حزني وخوفي على نفسي قبل أن يقتلني شوقي إليك .. ذلك التائه الذي يرغب في المغادرة ويجهل وجهته .. لمَ عليه أن يختار…